تحدث العلماء كثيراً عن أسرار الصلاة وثمارها على الفرد والمجتمع، فذكروا من هذه الأسرار ما هو مرتبط بالجانب الأخلاقي، ومنها ما هو متعلق بالجانب الاجتماعي …، وقد ذكر الدكتور يوسف القرضاوي أسراراً ومعانٍ كثيرة للصلاة في كتابه “العبادة في الإسلام”، (… فالصلاة نظافة وتطهير، وهي تغرس في مقيمها الروح الرياضية وتقوي عضلات بدنه. وهي تمد المؤمن بقوة روحية نفسية تعينه على مواجهة متاعب الحياة ومصائب الدنيا. وهي مدد لضمير المؤمن، تقويه على فعل الخير، وترك الشر، ومجانبة الفحشاء والمنكر، ومقارعة الجزع عند الشر، والمنع عند الخير. وهي تغرس في القلب مراقبة الله تعالى، ورعاية حدوده، والحرص على المواقيت، والدقة في المواعيد، والتغلب على نوازع الكسل والهوى، وجوانب الضعف الإنساني.
وصلاة الجماعة تربية اجتماعية رشيدة، ومدرسة إنسانية عالية، على نسق فريد في تاريخ الأديان والعبادات. وهي نوع من التربية العسكرية التي قوامها الطاعة والنظام. وهي تحقق مبدأ المساواة والوحدة البشرية …)[1]، وغيرها من الثمار الكثير.
ولكن لصلاة الجماعة أسرار أخرى لم تنل حظها من البحث، ولم يُتكلم فيها كما تُكلم في الجوانب الأخرى. لذا سنحاول الغوص في أسرار صلاة الجماعة لاستخراج ما خفي من هذه الجوانب والتي تهم المسلمين جميعهم.
وسنتناول في هذا الفصل بعضاً من الإيحاءات التي نستوحيها من صلاة الجماعة لبناء مجتمع مثالي وذلك في أربعة مباحث:
المبحث الأول: سنتناول فيه إيحاءات صلاة الجماعة فيما يتعلق بجماعة المسلمين (المجتمع).
المبحث الثاني: سنتناول فيه إيحاءات صلاة الجماعة فيما يتعلق بإمام المسلمين.
المبحث الثالث: سنتناول فيه إيحاءات صلاة الجماعة فيما يتعلق بالفرد المسلم.
المبحث الرابع: سنتناول فيه إيحاءات صلاة الجماعة فيما يتعلق بوطن المسلمين.