هل الزواج شراكة أم لباس؟
عندما نعتبر الزواج شراكة، فهذا يعني أن الزوجين يتقاسمان كل شيء بالتساوي، من مسؤوليات ومصاريف وحقوق وواجبات. هذا المفهوم يرتبط بالتفكير الغربي في العلاقة الزوجية، حيث بدأ استخدام مصطلح “الشريك” في سياق حركات المساواة بين الرجل والمرأة، وكان ناتجاً عن الفلسفة الرأسمالية التي تركز على المادية، خصوصاً في مجالات التجارة والملكية الخاصة. فالعلاقات الاجتماعية في الغرب استعارت فكرة “الشراكة” من الفكر الرأسمالي.
لكن في الإسلام، لا نؤمن بأن الزواج مجرد شراكة. فلو اعتمدنا هذا المفهوم، لكان معنى ذلك أن هناك قائدين للأسرة بسلطات متساوية، وأن الزوجين يمكنهما اتخاذ قرارات مشتركة بشأن إدخال طرف ثالث في إدارة الأسرة أو تحديد مرجعية حياتهما. وفي حال انفصالهما، قد يتقاسم الزوجان الممتلكات وحضانة الأطفال بالتساوي، وهو ما يتعارض مع المنهج الإسلامي الذي ينظم العلاقة بين الزوجين بناءً على العدل واحترام قدرات كل طرف.
عند التأمل في الآيات القرآنية التي تحدد العلاقة الزوجية، نجد أن القرآن يصفها بمفاهيم مثل “اللباس”، “المودة”، “الرحمة”، “السكن” و”الحرث”، وهي مفاهيم تختلف عن الشراكة. القرآن لم يطلق على عقد الزواج مصطلح “شراكة”، بل سماه “ميثاقاً غليظاً”. والفرق بين العقد والميثاق أن العقد يمكن إنهاؤه بسهولة وله تاريخ انتهاء، أما الميثاق فهو اتفاق قوي لا ينتهي بسهولة ويستمر دون موعد محدد للانتهاء، وهو ما يعكس قوة الالتزام بين الزوجين.
أما وصف العلاقة بين الزوجين باللباس كما ورد في القرآن: “هن لباس لكم وأنتم لباس لهن”، فهو يعبر عن الوحدة، التكامل، التناسق، الانسجام والجمال. هذه المعاني تتناقض مع مفهوم الشراكة التي تعتمد على حسابات المصلحة والربح والخسارة. فاللباس يعكس التفاهم والتعاون، بينما الشراكة تركز على المكاسب الشخصية.
القوامة والطاعة في العلاقة الزوجية تتبع مفهوم اللباس. فالقوامة تتمثل في الرعاية والحماية والكفاية والشورى، والطاعة تكون بالمعروف. أساس العلاقة بين الزوجين هو العدل وعدم الظلم، ومرجعيتهما هي الشريعة التي وضعها الله في القرآن وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. الحياة الزوجية أساسها التفاهم والتضحية والتعاون، لا التوازن الحسابي للحقوق والواجبات.
في الوقت الحالي، تأثرنا كثيراً بالمفاهيم الغربية حول الزواج، بعيداً عن الفهم الإسلامي الصحيح المستمد من القرآن والسنة. كما أن أبناءنا قد يتأثرون بما يُعرض في وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال المسلسلات والأفلام التي تنقل أفكاراً بعيدة عن ديننا وثقافتنا. وهذا أثر على مفهوم الزواج، مما جعل العلاقة بين الزوجين تتحول إلى صراع قائم على التحدي والفوز. لو أن الزوجين تعاملوا مع بعضهما بمفهوم “اللباس”، لكان بإمكانهما إيجاد البركة والسعادة في حياتهما الزوجية.